أكتوبر 02، 2009
حكومة المالكي تبحث عن: "مليارات الدولارات"!
صباح اللامي
تقول التقارير إن حكومة المالكي بحاجة إلى (أموال طائلة) لشراء معدات عسكرية. وحسب صحيفة ذي وول ستريت جورنال، فإن الأزمة الحادة للميزانية المالية في العراق (تعيق) صفقات بمليارات الدولارات لشراء معدات عسكرية أميركية، بضمنها دبابات، وأكثر من 24 مروحية، فضلا عن الألوف من أجهزة الراديو، أي أجهزة الاتصالات اللاسلكية العسكرية. وواشنطن –بطبيعة الحال- لم تعد مستعدة كما كانت في ماضي السنين السبع، لصبّ أموالها في (الحضن العراقي) ليس لأن تلك (المليارات الضخمة) تبخـّرت ولم يظهر لإنفاقها أي أثر على البنية التحتية للبلد، كما هي (تسمية جهة الصرف الأميركية لها) إنما لأن أموراً كثيرة استجدّت، وطبقاً للقاعدة المعروفة فإن على الذي يتسلم باليد اليمنى، أن يعرف أن هناك أشياء أخرى يجب أن تُعطى باليد اليسرى، وإلا فإن الدنيا (عُليا) إن كانت أميركا توزّع (خيراتها) على البشر من دون حساب!!.
إن الأجهزة والمعدات العسكرية، يُنظر إليها من قبل المسؤولين العراقيين والأميركان على أنها (قضية حاسمة) في مسألة مساعدة الجيش العراقي والقوات الأمنية العراقية بكاملها في السيطرة على المسؤولية الأمنية في البلد، بعد أن يحل موعد مغادرة القوات الأميركية المقاتلة للعراق في آب من السنة المقبلة 2010. والحقيقة أن الولايات المتحدة تستخدم مع حكومة المالكي سياسة ((يتمنّعن وهن الراغبات)) فهي إذ توحي وتعلن وتشدّد الحرص على بقاء العراق متوحداً، وتثبيت الحال الأمنية الهشة، وتحسين الأداء السياسي، وتطوير الوضع الاقتصادي، ((تتمنّع)) في مقابل ذلك عن الاعتراف بـخططها السرّية لـ(رغبة) البقاء الطويل في العراق. إن هذا يعني أن واشنطن (مستمرة الدفع) باتجاه تعجيز العراق عن تحمّل مسؤولياته الأمنية، وإبقائه (طفلاً معاقاً) بحاجة (الرعاية الفيزاوية) من أسياد البيت الأبيض والكونغرس والبنتاغون. وبكلام دقيق وواضح، إنّ أميركا التي حطمت العراق، تقول له الآن: اذهب أنت وربك فقاتلا.
إن الجنرال فرانك هيلمك الذي يقود عملية نقل المسؤوليات الأمنية، وقيادة مهمات تدريب القوات الأمنية العراقية، وتجهيزها بالمعدات، يعترف أنّ هذه العملية تواجه ((أزمة مالية مكلفة)) و((أزمة وقت مكلفة)) أيضاً. وهما أزمتان تشكلان خانقاً شديد الوطأة، إذ لا يُعقل أن كل مشاكل التجهيز العسكري المشار إليه أعلاه ستُحسم في غضون أقل من سنة. ولاشك في أن (نومة الرغد) خلال السنوات السبع الماضية هي السبب، إذ لم تفكر (جماعة الخير) إلا بسعاداتها في الدنيا والآخرة، وتركت الأمور على غاربها، لتجد نفسها فجأة أمام أزمات: فلوس، وتجهيزات، ووقت!.
ولكنْ أين تكمن المشكلة الأساسية التي تثير الآن زوبعة هذه الأزمات. يقول مراسل ذي وول ستريت جورنال في بغداد: إن المسؤولين العراقيين وضعوا (أوامر طلب المعدات العسكرية) في ضوء الأسعار العالية للنفط في السنوات الماضية، ثم رأوا أن مواردهم المالية تتضاءل مع تضاؤل أسعار النفط الخام. ولأن العراق يعتمد حصرياً تقريباً على تمويل اقتصاده من موارد النفط، فإن (الفأس وقعت في الرأس) لأن حسابات الحقل والبيدر، لم تأت (متطابقة) وفقاً لنظرية (البركات) التي يعمل بها الكثيرون!.
ولكي نتصور فقط حجم تأثيرات تلك الحسابات الخاطئة، وما نتج عن أزمة انخفاض أسعار النفط على (مستوى قدرات الأجهزة الأمنية العراقية) بالتحديد، ننظر فقط إلى ميزانية سنة 2009، لندرك خطورة النتيجة، فالتخصيصات المالية الخاصة بهذه الوزارة كانت للسنة نفسها 15 مليار دولار، خفّضت إلى 4.1 مليار دولار.
إن حكومة المالكي مطالبة بتفسير كل ذلك بوضوح وبشفافية عالية، لكي يفهم الشعب (مصادر علـّته) فقضية مثل (التجهيزات العسكرية الضرورية) تفوق في أهميتها قضايا الماء والكهرباء، لأنها تتعلق مباشرة بحياة الانسان العراقي. إن قوات الجيش أو الشرطة من دون معدات وأجهزة وأسلحة وذخيرة لا يمكن أن تنجح في مهماتها، وفشلها في ذلك يعني بالضبط وبالتحديد الذي لا إشكال فيه ((مــــــــــــــوت)) الكثيرين من العراقيين. فمن المسؤول؟ هل هي حسابات خاطئة فقط؟. أم تواطؤات؟. أم تآمر أميركي؟. أم ماذا؟. إن الحكومة التي تبحث الآن عن مليارات الدولارات لشراء المعدات والأجهزة العسكرية الأميركية، يجب أن تبحث أيضاً عن الأسباب التي أوصلت إلى هذه الحال..وإلا فإننا لم نفعل شيئاً، غير الخروج من (طربكه) إلى (طربكه)، فأية (طربكه) تنتظرنا؟!.