أبريل 23، 2009

مسعود البارزاني يقمع الأحرار في كردستان "الحرة"


أیوب بارزانی

أعلمني هاتفياً في 12/4/2009 الدكتور عبدالمصور بارزاني بمجيء، سداد وهو شقيق مسعود الى بارزان والهدف هو إبلاغ عبدالمصورعن طريق شقيقه، بأنهم أي مسعود سيضربه أينما وجد، ولن يتسامح مع نشاطاته السياسية. وكعادته، يخشى ان يبلغ تهديداته بشكل حضاري ومكتوب على الورق وبوضوح ويسلم ، في هذه الحالة التهديد المكتوب ليد عبدالمصور. إن هذه عادة ملازمة لمسعود وأشقائه والرهط المحيط به، ويعكس هذا خوفهم من إكتشاف الجريمة وفضحهم بنشر التهديد المكتوب. فالتهديد عندما لايكون مكتوباً يستطيعون نفيه وإنكاره، وهذا هو ديدنهم لعقود. وسوف لن يكون إطلاقاً موضع غرابة إن أنكر علمه بالحادث.
إن التهديد بالقتل ليس جديداً على مسعود، فمن شدة حرصه على التحكم والتسلط على مناطق بارزان وبادينان، بعد عودته من إيران عام 1991، أرسل عمر آغا دولمري ليبلغ صهره (محمد خالد) وبالنص: " إن تجاوز عتبة بيته سأقتله وعليه عدم التدخل في أي شأن من شؤون المنطقة" وأبلغ عمر آغا (محمد خالد بالقرار على مضض. لقد تجنب مسعود لغة الحوار الهادىء البناء للتفاهم مع جدّ أولاده ووالد زوجته، فلجأ الى التهديد ولغة الحقد.
وكان قبل حوالي الأسبوعين، أبلغ مسعود عبدالمصور إن بإمكانه ترشيح نفسه في الإنتخابات البرلمانية القادمة، لكن لا أحد يعرفه ولن ينال تأيداً ولايملكون أموالاً. إذن كان مسموحاً في البداية أن يقدم عبدالمصور قائمته الإنتخابية عندما كان مسعود متيقناً من عدم فوز قائمة عبدالمصور، لأن مسعود ظن إنه لايحظى بالتأييد الشعبي... إذن مالذي حصل لكي يغير مسعود لهجته ويفقد أعصابه تماماً ؟
الجواب بسيط جداً فالذي حصل هو مايلي: خلافاً للقانون معظم أصحاب الهاتف النقال الغير موالين لمسعود هم تحت الإنصات، ضمنهم عبدالمصور بارزاني. وقد وجد جواسيس مسعود أن المبادرة التي أطلقها عبدالمصور بارزاني ورفاقه تحظى بشعبية واسعة أدهشت حتى المبادرين، وكان هذا النصر لايتوقعه مسعود ورهطه. من هنا التهديد بالقتل وإرغامه على ترك المنطقة.
مسعود هو رئيس إقليم كردستان، ومفروض أن يراعي القوانين ويقدم نفسه وأبنائه وإخوته والمنصاعين له كنموذج يحتذى بهم في الحرص على إحترام القانون، فعلى سبيل المثال، إذا كيل لشخص تهمة ما في بلد متحضر، وقبل طرده أو تهديده بالقتل، هنالك المحاكم ويجري كل شيىء كتابياً ووفق ماتنص عليه القوانين، كما أن المطرود يسمح له بمدة كافية كي يلم أغراضه ويرتب أموره قبل تنفيذ حكم نفيه، وله حق الطعن بالقرار لدى محامي الدفاع. رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني بالوراثة داس تحت قدميه قوانين البلد. وبهستيرية ملفته للنظر، أمر بمغادرة المنطقة الواقعة تحت سيطرته والىّ فأي شيىء يحصل له هو نفسه أي عبدالمصور يتحمل المسؤولية، ومسعود ليس مسؤولاً.
هنا لابد أن نعود ولو قليلاً الى الوراء حتى نفهم شخصية مسعود وشخصية عبدالمصوربارزاني. في الواقع هو صراع بين تيارين مختلفين ولكل منهما مرجعياته.
ولد مسعود عام 1946، وولد عبدالمصور عام 1947.
بعد إنهيار جمهورية مهاباد وتفرق شمل البارزانيين، غادر أبويهما ملا مصطفى وشيخ سليمان الى آذربيجان السوفيتية وبقيا هناك حوالي 12 عاماً. في حين عادت العوائل البارزانية من المنفى الإيراني الى العراق فتم فرض عقوبة جماعية عليهم من سجن ومنفى. لكن مسعود نجى من ذلك فقد قدرت الحكومة العراقية الخدمات التي قدمها جدّ مسعود (محمود آغا الزيباري) وخاله (زبير محمود آغا) للقوات العراقية في إسنادهما للجيش العراقي إبان الحملات العسكرية على بارزان في أعوام الأربعينات. فأعاد محمود آغا إبنته وحفيده الى كنفه.
هنا نرى أنهما تربيا في بيئتين معاديتين تماماً. مسعود ربّاه جده وخاله، وجميع سكان بادينان يعرفون ماجرى في المنطقة من مظالم في العقود الثلاث قبل سقوط النظام الملكي. وعبدالمصور تربى في محيط عائلي بارزاني وفي المنفى. إختلفت التربية إختلافاً جوهرياً بين الإثنين. الأول تشرب بتراث الآغا المعروف بالظلم والسطو على ممتلكات الفلاحين والرعاة والطمع الى بالمال وإستغلال الفلاحين للثراء الشخصي. والثاني عبدالمصور، عاش حياة المنفى والمعاناة بعيداً عن موطنه لكنه تشرب بالتراث البارزاني الأصيل المناهض للظلم .
واصل مسعود دراسته فأكمل الصف الثاني المتوسط بعدها توقف عن الدراسة، وليصبح مدير أمن للباراستن لدى والده رغم صغر سنه وإنعدام التجربة، ثم يرث عن والده جميع الأموال التي كانت تعود يالأصل للشعب الكردي. وفرضه والده دون إستشارة أحد على بارزان والحزب والحركة الكردية، من منطلق عاطفى محض. ومسعود هو الذي أمر بقتل العديد من الشخصيات الكردية، ولحد الآن لم يقدم المعلومات لذويهم عن الحفرة الجماعية التي دفن فيها الضحايا. كما يشهد سجله التعاون مع الباسداران والسافاك الإيراني والميت التركي والأمن العراقي في عمليات مشتركة في مراحل معينة منذ عام 1975 – والى الآن، وأستلم منهم الأموال والسلاح. وهو أحد المشاركين الرئيسين في حرب الزعامات التي حصلت في التسعينات من القرن الماضي. في حين واصل عبدالمصور دراسته الى أن نال في جامعة فيينا شهادة الدكتوراه. عاش على كده وعمله، وهو الآن أستاذ يدرّس علم التاريخ في جامعة السليمانية وله عدة مؤلفات ومقالات ويتكلم الألمانية والإنكليزية والعربية والكردية والفارسية وتعرف على المجتمعات الأوروبية الديمقراطية.. وعادى الحرب الداخلية الكردية، كما إنتقد الفساد الحالي المتفشي لدى قمة الزعامة الكردية.
كما أن التيار الذي يمثله عبدالمصور بارزاني هو أيضاً تيارعدد كبير من المثقفين في خارج كوردستان وداخلها، وتمثل تطلعات الجيل الجديد من الشباب الكرد الذي يتوق الى تجاوز (إرث حرب الزعامات) والكوارث التي جلبتها للأمة الكردية. كما إن هذا التيار مناهض للفساد المالي والإجتماعي وتهرب السلطة الكردية تبني الشفافية فيما يتعلق بميزانية الإقليم وأوجه الصرف. ويرى هذا التيار في الإحتكار العائلي للسلطة خطراً يهدد مصير شعب كردستان ومنجزاته.
كتب عبدالمصور عن مساوىء النظام الشمولى وإيجابيات النظام الديمقراطي وأهمية ذلك بالنسبة لكردستان والعراق. نظرته هذه لاتتناسب مع سلوك الحكم الحالى الذي يمثله مسعود وإحتكاره مع أفراد عائلته للسياسة وللعقود التجارية ولميزانية الإقليم.
يحيط بمسعود رهط من الطائعين والمتملقين الذين يزينون له عظمته وعبقريته ، إنه لايتحمل وجود شخص آخر في منطقة بادينان يتعامل معه وفق حجمه الحقيقي. لقد عزز من سلطته على بادينان خلال نظام " إتحاد عوائل من الأغوات"، مرتبطين مع بعضهم البعض بمصالح مالية هائلة وهؤلاء الأغوات يسيطرون على قوات المليشيات التي تحتل المنطقة وتراقب ميول وتحركات المواطن. لقد تحولت بادينان الى ضيعة إقطاعية يتعامل معها وفق منطق "الأتباع والحاشية".. ولايتحمل إنعتاق هذه المنطقة من الإرث الإقطاعي ومن سطوة ممثليه الإقطاعيين المنتفعين وقدامى المرتزقة التابعين له حيث تشابكت مصالحهم مع مصالح السيد مسعود.
عبدالمصور شديد الحرص على أن لانخسر الفرصة التاريخية الحالية التي اتى بها الغزو الأمريكي للعراق، فهو وكثيرون غيره متخوفون من التسلط الفردي والروح التجارية الطاغية لدى الزعامة الكردية وقصر نظرها السياسي، وقد يؤدي كل ذلك الى كارثة يدفع الشعب الكردي ثمنها، في حين تهرب القيادة كما عملت في السابق ومع كل ما إستولت عليه من أموال الشعب.
كما يرى الدكتور عبدالمصور ورفاقه أن الإنتخابات القادمة توفر الفرصة لإحداث التغييرالديمقراطي السلمي الذي طال إنتظاره في نظام أثبت فساده وفشله في تحقيق الحياة الديمقراطية والعدالة الإجتماعية وعدم أهليته في توفير أبسط مستلزمات الحياة اليومية مثل الماء والكهرباء والرعاية الصحية للشرائح الفقيرة في المجتمع وتوفيرالغذاء الصحي وضمان الأمن الإقتصادي.
ليس من شك، أن هدف مسعود الأساسي من تهديده بقتل إبن عم له، هو ترهيب المواطن الكردي في بادينان وأربيل ليبقى في خانة الطاعة. وسبق وان نهب وقتل وأحرق مقرات ومكاتب الإتحاد الإسلامي بأيام قبل موعد الإنتخابات عام 2005 . سكت الأمريكيون سكوتاً مطلقاً عن هذا التجاوز الخطير والمفضوح، وهذا أدى الى تكراره في مناسبات أخرى. السيد مسعود بوضوح يقول للشعب الكردي، أردت أم لم ترد أنا الرئيس ومن بعدي سيكون إبني وهكذا.
تصرف مسعود هذا يعكس حرصه على حرمان أهالي بادينان من حرية التصويت في الإنتخابات القادمة..
لكن لدى الشعوب الحية ، يمكن تحويل هذه المناسبة الى مناسبة لتعرية القيادة الحالية وإسقاطها في الإنتخابات القادمة عن طريق حشد طاقات الشعب الكردي ليقول كلمته الأخيرة. إن هذا ممكن عن طريق تحالف واسع بين قوى التغييرالمصممة على كسر جدار الخوف والمتحالفة فيما بينها على أسس ديمقراطية سليمة‌