فبراير 18، 2009
الطغاة لايهبطون من السماء
نزار آغري
1ـ
يمكن أن نقاوم الأعداء وأن نكون أحراراً في نفس الوقت. يمكن أن نكشف عن الأخطاء ونلاحق المخطئين والفاسدين دون أن ندع الفرصة للأعداء لجلب إسفينهم اللعين. يمكن أن نفضح مخططات الأعداء في الخارج وألاعيب الانتهازيين في الداخل في آن واحد. يمكن أن نكشف خبث المتآمرين من الخارج ونعرض غسيلنا الوسخ للشمس في اللحظة ذاتها. لاتعارض بين العملين على الإطلاق.
2ـ
ننطلق في شغلنا في "آفاق كردستان" بوصفنا صحافيين ونشطاء في الرأي العام ودعاة حرية الأفراد وحقوق الإنسان، ليس في وجه القتلة المستبدين من الخارج فقط بل في وجه مستبدي الداخل أيضاً. بوصفنا هذا لنا الحق في التدخل في الشأن العام ومتابعة نشاط المسؤولين والزعماء ومراقبة سلوكهم. سلطة الصحافي ليست أقل من سلطة المسؤول السياسي. واجب السياسي أن يحترم إرادة الناس وأن يلبي حاجاتهم وواجب الصحافي أن يتحرى عن الحقائق ويكشف النقاب عن الأسرار.
وقد يخطأ الصحافي. ولكن من قال أن السياسي لايخطأ. في الحالتين ينبغي أن يكون ثمة مكيال واحد لمعاينة الخطأ: القانون.
3ـ
العمل من أجل القضية الكردية ليس منة ولاحصانة. ينبغي ألايكون مثل هذا العمل غطاء لأي سلوك مشين. ليس من حق أحد أن يسعى إلى إسكات الآخرين وكم أفواههم بذريعة أنه يناضل من أجل القضية الكردية. ينبغي الكف عن اللعب على الحبال والقول أن الآخر، الذي ينتقد، إنما يفعل ذلك لأنه مرتبط بجهة ما تحضه على فعل ذلك. لايمكن الاستمرار في استغباء الناس من خلال الإختباء وراء العموميات والتسلح بالشعارات التي تدغدغ العواطف.
4ـ
غايتنا في الأفاق هي أن تتقوض ذهنية احتكار الرأي والاستبداد بالقرار والتلاعب بالغرائز وتشنيع الآخر وتكفيره والتحريض عليه والنيل منه جسدياً أو معنوياً. ينبغي التطهر من الأسلوب البعثي الذي تقلده جماعات كردية هنا
وهناك: إهانة المتهم وركله وتحقيره قبل أن توجه له تهمة واحدة وقبل أن يصل إلى المحكمة.
5ـ
نحن نحارب الأعداء بالضبط لأننا نريد أن نكون أحرارًا. ولايمكن أن نسكت عن المستبد في الداخل إذا ما أراد أن يسلب منا الحرية ذاتها التي نريد أن ننتزعها من مستبد الخارج. الحرية لاتتجزأ. إن نزعة تمجيد الذات بوصفها ضحية الخارج وإغماض العين عن مواطن الخلل فيها وإسباغ الصفات الملائكية عليها هو السبيل الأقصر لخلق مستبد الداخل والتحول إلى قطيع عديم الإرادة أمامه.
الطغاة لايهبطون من السماء بل يظهرون رويداً رويداً بقدر مايكثر المتزلفون ويتصاغر المتملقون من حولهم.