فبراير 25، 2009

سرطان خفي


جمال محمد تقي



هيرو ابراهيم سيدة العراق الاولى ، وسوبر بزنز، هي الضميرالمستتر في معركة حزب الرئيس المتصاعدة عموديا وافقيا !
الرئاسة التي اعنيها مزدوجة فهي قد اجتمعت عند السيد جلال الطالباني ومن اوسع الابواب ، وبحسب الاهمية الفعلية فان رئاسته لحزب ـ اوك ـ تحتل المرتبة الاولى ، ورئاسته للجمهورية تحتل المرتبة الثانية ، رئاسته للحزب هي مصدر قوته السياسية والمالية والعسكرية ، اما رئاسته لجمهورية العراق فهي تحصيل حاصل لا تمنحه الشيء الكثير غير ـ البرستيج وحياة سوبر ستار وعلاقات عامة اضافية ـ وذلك لان منصب الرئيس رمزي ، ولان الرئاسات الثلاثة ـ البرلمان والجمهورية والوزراء ـ صارت توزع ديمقراطيا بمقاسات طائفية وعرقية ، في ظل عراق دستوري فدرالي تعددي ميتافيزيقي !
الرئيس تنازل مؤخرا عن جوانب مهمة من صلاحياته الحزبية لنائبيه ـ كوسرت رسول وبرهم صالح ـ كحل وسط لامتصاص القلق والنقمة من امكانية انفراط عقد الحزب لو ترحل زعيم الحزب الى الرفيق الاعلى لا سامح الله ، وبالتالي سيطرة عائلة الرئيس على اكبر نصيب من التركة !
استجاب الرئيس مضطرا وتحت ضغط التهديد بالاستقالة من قبل خمسة من اعضاء مكتب حزبه السياسي واغلب المطالب تحوم حول اصلاحات داخلية وتعيينات حزبية وتبديلات للمسؤوليات تحوم حول نزع الاذرع العائلية للرئيس والمهيمنة على اهم مرفقين في حياة الحزب وبالتالي في حكومته المحلية في السليمانية وعلاقاتها مع حكومة الاقليم وحصص الواردات والمسؤوليات العامة ، خاصة وان انتخابات برلمان الاقليم ستكون مقلقلة اكثر بسبب ترشح مصطفى نو شيروان لنفسه مع تحرك لانصاره وهذه المرة من خارج الحزب كمنافس لقائمته ، اما المرفقين اللذين يجري الصراع عليهما فهما مالية الحزب وجهاز مخابراته ، وقد يبدو الامر بسيطا لاول وهلة ، اي بمجرد تغيير مسؤول المالية ومسؤول المخابرات يتم ارضاء الجميع ، لكن الامر ليس كذلك بل اعقد من ذلك بمئات المرات ويكفي مثلا ان اقول هنا ان تعقيدات وكونترولات السيطرة المالية وحساباتها عند السيد الرئيس شبيهة مع تلك التي كانت عند الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ، مع الفارق طبعا ، فمالية الحزب هي اموال واستثمارات قديمة وجديدة بقدم المعارضة وما كانت تحصل عليه من هنا وهناك وكانت هذه الاموال تسجل بحسبات فردية وشخصية واغلبها كان يسجل باسم السيدة هيرو ابراهيم والمقربين من عائلتها واصبحت عمليا هي المشرفة على استثمارات هذه الاموال بقطاع العقارات البريطاني ، فلا نستغرب مثلا اذا سمعنا اليوم بان سيدة العراق الاولى تملك 20 % من اسهم شركة " آسيا ستايل " للاتصالات والعاملة حاليا في شمال العراق وسيكون امر عادي اذا فهمنا ان السيدة الاولى هي الممول الرئيسي لمؤسسة المدى التي يراسها السيد فخري كريم زنكنة مستشار رئيس العراق ورئيس الحزب
لقد وفق الطالباني على وضع جرد باموال الحزب وفصل الحسابات الشخصية عن الحسابات الحزبية ووافق ايضا على وضع جهاز المخابرات تحت تصرف كوسرت رسول ، مقابل عدول الجميع عن استقالاتهم وتمشية امور الحزب بشكل سلس في الانتخابات القادمة رغم منافسة نو شيران وجماعته ، ولم يتبقى شيء مختلف عليه غير مصير 800 مليون دولار حصل عليها الحزب من حصته في عقود النفط التي صرفتها الشركات النفطية العاملة في كردستان لحكومة الاقليم ، حيث حاول الرئيس معالجة الامر بتعويضات محددة للحزب دون الخوض بمصير هذه الاموال ، ويبدو ان كوسرت رسول قد اقتنع بحلول الطالباني التحاصصية ، لكن الاربعة الاخرين اصروا على استقالاتهم ، ونقل عن السيدة هيرو انها اقسمت على معاقبة هؤلاء المتمردين ، ومازالت الازمة تتفاعل !
نقل عن الطالباني قوله الى كوسرت رسول ان فخري كريم زنكنة اصبح سرطان الحزب الخفي وانه صار لا يطاق فهو كالمنشار ياكل من الجميع صعودا وهبوط ، سرق اموال الحزب الشيوعي سابقا والان يحوم حول اموال الرئيس وعائلته ـ لزكة ما ايفوت اصغار واكبارـ يذهب ويعرض خدماته على البرزاني الذي لا يبخل على الخدم وخاصة اذا ساهموا بدعم تطلعاته ، وفخري يلوح بفتح علاقات عامة مع المحيط العربي ومثقفيه لجعلهم يقفون في خانة المشروع البرزاني ، فيقبض هو من كل الجهات اما الذين ياتون اليه فيبلعون ما يقبضون وينتظرون رحمته ، وهكذا تدور العجلة !