![](https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEiXdzftuiGpn9uU7-skL0K0bjsjkmdPGka3yvh1BN1CvVB6A5WW7FpmbHApTeRnoclu1vkQfpD6k3_1x19wR9SQpO3iL2fr_q12IVkGhjoLsEO-B_asC48djeS7mkySF_R8EUGdOvwSN8Kf/s200/FREEDOM_Muzzled.jpg)
عماد علي
منذ انتفاضة اذار 1991 قطع اقليم كوردستان شوطا لا باس به من العملية الديموقراطية ، استهلها بانتخابات برلمان و انبثاق حكومة اقليم رغم الثغرات و السلبيات التي شابتها. بعد ان سيطرت الصراعات الحزبية على ادارة الحكم مُنعت مأسسة ادارة الاقليم ، واعيق نشر الثقافة الديموقراطية و الوعي العام للمجتمع الى ان وصلت الحال الى الاحتراب ، و به ذبحت التجربة الرضيعة من بكرة ابيها ، وعلقت في الوحل و تراوحت الحكومة دون ان يكون هناك من يحاول اخراجها .
كان بالامكان ان يقطع الوضع الثقافي الاجتماعي العام لاقليم كوردستان مسافة طويلة و مرحلة مرضية، لطول فترة تحرره من مخالب الدكتاتورية مقارنة مع الوسط والجنوب العراقي ، فانه للاسف لم يقف كما هو على المستوى الذي وصل اليه من التقدم النسبي ، بل نحس و نتلمس بشكل ملحوظ بانه في تراجع مستمر في العديد من القضايا العامة التي تخص المواطن ، و من اهمها مساحة الحرية و الديموقراطية والاعتماد على النظام المؤسساتي و توفير الحد الادنى من العدالة الاجتماعية و دعم الثقافة ، انه في التراوح والتراجع يوما بعد اخر .
ان ما يهمنا هنا اليوم هو الجانب الثقافي و مسيرة الشعب و مستواه ، و كيفية تعامل السلطة مع هذا المجال و حرية النخبة و المثقفين من اصدار نتاجاتهم .
نعود خطوات الى الوراء ، بعد تعميم وزارة الثقافة على مؤسساتها لطلبها بنسخة مطبوعة كنموذج لاي كتاب قبل منحه رقم و تسلسل الاصدار و نشره ، ويوافق على طبعه و نشره اعتمادا على ما يتضمنه ، و هذا تجاوز على القانون بذاته و عودة للرقابة الحكومية و ما تحملها من افكار وعقائد لتصفية ما لا يتلائم مع السلطة و الاحزاب المسيطرة ، و هذا ما يضيق من الحريات ، وهو عائق كبير امام النشاط الثقافي و حرية الاراء و المواقف .
هذا ما يزيد من القلق لدى المعنيين من المثقفين و الكتٌاب على انه البداية لتشديد الرقابة على الفكر والثقافة و حريات الراي و الديموقراطية و النشاطات الفردية و حصر الابداع و الابتكار وهو تراجع كبير عن اقرار قانون النشر و الطباعة ، و يعتبر التعميم حيلة و تجاوز عليه ، مما يعيد الى الاذهان كتم الانفاس و الالسن من قبل الوزارات الثقافية في الفترات العصيبة و الدكتاتورية.