فبراير 14، 2009

كردستان من مشروع كبير الى مشروع وهمي


عمر أحمد العيسى

صحفي – أبو ظبى

بعد حرب الخليج في عام 1991 و إعلان كردستان العراق منطقه آمنه من قبل أمريكا و بريطانيا كانت الحكومه في الأقليم ممثله بحكومتين محليتين أحدهما في السليمانيه و الأخرى في أربيل. و على الرغم من بعض الخلافات التي كانت موجوده على أرض الواقع بين هتين الحكومتين إلا أن جميع هذه الخلافات لم تقع عائقا في تشكيل حكومه واحده في عام 2006 بعد سقوط النظام في 2003. كانت أنظار العالم كلها متوجهه نحو العراق عامه و كردستان خاصه لما تتمتع به المنطقه من أمان و أستقرار و أصبحت كردستان نموذجاً حياً لعراق ما بعد صدام و ذلك لكثره المشاريع التي نفذت مقارنه ببقيه العراق و لكن و كما يقول المصريين (الحلو ما يكملش) فإنه و للأسف الشديد أصبح التذمر و القلق هو ما نراه في بعض مدن الأقليم و ذلك لسوء التدبير الإداري من جهه و لتفشي الفساد الإداري من جهه أخرى. كانت حكومه اداره السليمانيه تقوم بتوزيع الميزانيات المخصصه على الوزارات و كل وزاره بدورها كانت تقوم بصرف الأموال على المشاريع المخطط لها مسبقا و هذا هو العكس مما كان يحصل في اداره حكومه اربيل العاصمه و لهذا نرى على أرض الواقع أن مدينه السليمانيه تعتبر متطوره مقارنه بأربيل و نرى أيضا أن حجم الخدمات التي يحظى بها المواطن في السليمانيه تفوق بكثير حجم الخدمات التى يحصل عليها المواطن في العاصمه أربيل.
من خلال المقابلات التي قمنا بأجرائها مع بعض المسؤولين في عده وزارات و كذلك من خلال بعض الدراسات التي حصلنا عليها من بعض المندوبين الأعلاميين من أمريكا و اوروبا أستنتجنا الحقائق التاليه:
المجال الصحي:
الجانب الصحي لأفراد الأقليم يكاد يكون مهملا مقارنه بالدول الأخرى حيث أن الوزاره تعاني من نقص حاد في الأدويه الضروريه و المستلزمات الطبيه كذلك فإن الوزاره تفتقر الى نظام أداري جيد لأداره المراكز الصحيه و المستشفيات. هناك أحهزه و معدات طبيه موجوده و منذ سنين في مخازن و مستودعات الوزاره في أربيل ولم يتم نقلها الى المستشفيات او المراكز الصحيه و ذلك لعدم وجود تقنيين يقومون بنصب هذه الأجهزه. علمنا عن طريق مصادرنا في الأقليم أن وزاره الصحه في أربيل في عهد وزير الصحه السابق قامت بمنح عقود ضخمه لبعض الشركات المحليه في أربيل لتجهيز الدواء و المستلزمات الطبيه و المعدات و الأجهزه و أن هذه العقود و لحد هذه اللحظه لم يتم تنفيذها بالكامل على الرغم من مرور أكثر من ثلاث سنوات من تاريخ توقيع هذه العقود كذلك علمنا أن هذه العقود الضخمه منحت الى هذه الشركات ليس لباعها الطويل في المجال ولا لخبرتها العميقه في تنفيذ مثل هذه العقود و لكن لكون أصحاب الشركات هم من العائله الحاكمه في أربيل و بالتحديد عائله البارزاني و نظيف أن هذه المشاريع تم منحها الى هذه الشركات بدون أي منافسه تذكر.
مجال الكهرباء:
يعاني أهالي دهوك و أربيل من تفاقم مشكله أنقطاع الطاقه الكهربائيه والتي تكاد تكون معدومه في بعض المناطق من هذه المدن. كانت لدى الوزاره منذ عامين خطه لنصب شبكات نقل الطاقه الكهربائيه في القرى وكذلك مشروع إناره أربيل. تم تخصيص الأموال لهذه المشاريع و تم التعاقد مع عده شركات محليه مرتبطه بجهات رسميه و سياسيه محليا في أربيل و لكن للأسف لم يتم إكمال أي مشروع من هذه المشاريع مع العلم أن الشركات المتعاقد معها قامت بأستلام الميزانيه كامله من الوزاره قبل أن تقوم بتجهيز قطعه واحده و قد يتساءل البعض عن لماذا تقوم وزاره حكوميه في أقليم دوله بتسليم المبلغ الكلي لعقد الى الشركه المتعاقد معها مقدما و بدون أي قيد أو شرط و الجواب هو بكل بساطه أن هذه الشركه تمتلك كلمه السر التي تفتح الأبواب أمامها الا و هي (البارزاني) والحليم تكفيه الإشاره.
الخدمات العامه:
خلال تجوال مندوبي الصحافه الذين قمنا بتكليفهم بزياره الأقليم في مدن كردستان شاهدوا أن هناك فرق شاسع بين الخدمات العامه في مدينه السليمانيه و مدينه أربيل على الرغم من كون الأخيره عاصمه للأقليم حيث تعاني أربيل من تدني الطرق و رداءه مياه الشرب و أنقطاع الطاقه الكهربائيه و بعد التقصي من بعض العامه عن سبب الواقع المرير قال البعض و بهمس أن السبب يرجع الى أن المسؤوليين في أربيل منشغلين بمشاريع شخصيه و أهداف لا تمت الى الواقع بأي صله و أن نظام متابعه المشاربع هو السبب في فشل معظم المشاريع التي حاولت الحكومه المحليه في أربيل بتنفيذها.
النظام المصرفي:
استطعنا اللقاء مع أحد مسؤولي مطار أربيل الدولي و بعد نقاش معه دام قرابه الساعه قال و بصوره عابره أن بعض البنوك المحليه أستطاعت الحصول على ترخيص من بنك كردستان المركزي لنقل أموال طائله من أربيل الى دول أخرى خارج العراق بهدف الأستثمار و الغريب و المدهش في تصريح هذا المسؤول أنه هذه الأموال كانت تنقل من أربيل الى الخارج على متن أحدى الرحلات الجويه المغادره من أربيل و أن عدد الأشخاص الذين يقومون بمرافقه هذا الكم الهائل من المال كان في معظم الأحيان شخص واحد أو أثنان من الموظفين العاملين في البنك. قمنا بالتحري عن هذا الموضوع و أجرينا عده لقاءات مع مراجعين عده لبعض البنوك الأهليه في أربيل و قمنا بسؤالهم السؤال التالي: هل تعلم في ما إذا كان البنك الأهلي الذي تقوم بإيداع أموالك فيه يستثمر بعض المال خارج كردستان ؟ و كان جواب الجميع واضحا و صريحا و هو أنه إذا كان البنك يمتلك المال للأستثمار فإن كردستان هي أحق من غيرها لهذا الأستثمار.
يبقى أن نسأل أنفسنا السؤالين التاليين:
أولاً: هل كان الغرض الفعلي من تحويل هذا الكم الهائل من المال و الذي يصل الى عشرات الملايين من الدولارات الى خارج كردستان هو الاستثمار؟ الجواب لهذا السؤال متوفر في الأرصده التي ودعت فيها هذه الأموال في دبي و لبنان و الأردن
ثانياً: هل حصلت بالفعل موافقه بنك كردستان المركزي لتحويل هذه الأموال المذكوره الى خارج القطر؟ نترك جواب هذا السؤال الى المسؤوليين المعنيين في كردستان للإجابه عليه بالسرعه الممكنه إذا أمكن.
يبقى أن ننوه على أنه البنك المعني بهذه الحادثه هو بنك الأيميرالد ولا داعي للذكر أن هذا البنك الأهلي في كردستان يدار من قبل عائله البارزاني. نود أن نذكر هنا أن بنك الإيميرالد هو أول بنك أهلي في كردستان و كان يمتلك سمعه جيده ألا أنه في الآونه الأخيره تسربت أخبار قمنا بالتقصي عنها وتأكدنا من صحتها أن البنك قام بمنح فئه معينه من الناس قروض بمئات الآلاف من الدولارات و بدون أي ضمانات تذكر.
الأستثمار:
التقينا بفتاه كرديه في عمان و ذكرت لنا أنها هي و عائلتها استثمروا اموالهم في مشروع سكني كبير في اربيل و يدعى الدريم سيتي. بعد التقصي عن المشروع وجدنا و بدون أندهاش أن الشركه المنفذه للمشروع على علاقه وثيقه جدا مع حكومه كردستان. أكملت الفتاه المسكينه قصتها او بالأصح معاناتها مع هذا المشروع الكبير( و الذي تحول في نظر الكثيرين في أربيل من مشروع كبير الى مشروع وهمي) و قالت لنا أنه و بعد اكثر من سنتين على تقديم التصاميم و دفع المبلغ الأولي من قبل ا لفتاه فإنها و لحد اليوم لم ترى اي خطوات فعليه في أن المشروع دخل قيد التنفيذ و انه و لحد اليوم فإن الأرض المخصصه للمشروع لا تحمل سوى سور يفصلها عن الاراضي المجاوره لها و قطعه كبيره تحمل أسم المشروع و عندما سألنا الفتاه عن لماذا لم يقوم الناس برفع شكاوى الى الجهات الحكوميه المختصه قالت و قد بان الحزن الشديد في عينيها انهم بالفعل حاولوا الا أنه و مع الأسف كانت الجهات الحكوميه تصغي بأذن و ترمي ما أصغت اليه من الأذن الأخرى.