مايو 05، 2009
الى فخامة رئيس الجمهورية: العرب في مطار اربيل
علياء الانصاري
عندما كنا صغارا، حملنا هموم الوطن في حنايا القلب، وفرشنا جفون العين لتغفو تلك الهموم بسلام تحت أهدابها، ومن بين تلك الهموم، كان الهم الكردي! وناضلنا كي يُرفع الكابوس عن أحلام صبايا العراق (عربها وكردها وتركمانها و....)، ومازلنا نرفض ان نفكر بغير العراق، وبغير مفردة العراقيين.
ولتعلم يا سيدي فخامة رئيس جمهورية العراق، بأني كنت من الذين افترش الأمل آمالهم، وغنت الفرحة في اوبرا احزانهم، عندما تم أعلان (مام جلال) رئيسا للعراق، لاني أحبك رجلا مناضلا، كرس حياته لاجل وطنه وابناء شعبه، واستحق بجدارة ان يتولى أمرهم ويقودهم نحو الفلاح، لذلك كنت رئيسا للعراق!
ولتعلم يا فخامة رئيس جمهوريتنا، بأن أبنتي البالغة من العمر ستة عشر عاما، تصر على ان تخبرني كلما رأت وجهك البشوش على شاشة التلفاز (أني أحب هذا الرجل، لاني أشعر بطيبته مرسومة على ملامح وجهه)! وهكذا نحن العراقيون، تربينا على ان نحب، وأن نعلق على حبنا بصدق، كما تربينا ان نرفض الظلم بصدق، وأن نعبر عن أنفسنا بصدق! لذلك سأكتب لك اليوم فخامة رئيس جمهوريتنا ما حدث لي ولزملائي في مطار اربيل بصدق! وإن كان صدقا مغلفا بالحزن واللوعة!
عندما حطت الطائرة على ارضنا في اربيل يوم الجمعة الموافق 24 / 4/ 2009، تزاحمنا ليصل الشاطر فينا قبل غيره الى (كاونتر) الضابط المسؤول عن دخولنا، واذا بصوت يوقف الحركة فينا، وهو ينادي: (العرب من هنا)!، تبادلنا النظرات (نحن العرب)، ولا أكتمك سرا فخامة الرئيس، رفضنا الحركة! تطلعنا الى بعض الاجانب الذين كانوا معنا، تراصوا في صف قصير، تم التحديق في جوازاتهم بدقة وسرعة، ثم دخلوا معززين مكرمين، لنتحرك نحن والقهر يتحرك معنا لنقف في طابور طويل (لان عدد العرب في الطائرة كان أكثر)، ليدخل شخص واحد الى غرفة فيها مكتب عليه كامبيوتر ويجلس خلفه ضابط، يطلب من الشخص ان يجلس قبالته ويوجه اليه اسئلة: الاسم، تاريخ الولادة، سبب القدوم الى اربيل، اين ستذهب، عنوان السكن. ثم يفحص الهوية التي يطلبها من المسافر ويسجل كل ذلك في الجهاز الذي امامه ليقدم بعد فاصل التحقيق (اسمح لي ان اسميه فاصلا)، ورقة مكتوب عليها (بطاقة الراغبين بالسياحة)، ويختمها ويسلمها للمواطن الذي يلفت انتباهه عبارة مكتوبة في اسفل البطاقة، (على صاحب البطاقة ارجاعها الى اخر سيطرة يغادر منها)!!
هل أخبرك فخامة الرئيس باحساسي آنذاك، للحظات كنت أتصور نفسي في مطار عمان!! وان الهواء في رئتي يعلن استنكاره عن ممارسة عملية الشهيق والزفير.
يا ترى هل ستوافق يا فخامة رئيس جمهورية العراق، على ان نضع بوابات خاصة في مطار بغداد لعبور (الاكراد) بعد ان نجري معهم فاصلا تحقيقا!!
فاذا كنت ترفض ذلك، فكيف قبلت به لابناءك العرب!!
اعتقد ونحن نتحدث عن عراق جديد، عراق ديمقراطي موحد، عراق الاخوة والمحبة والتسامح، عراق الوحدة الوطنية، عراق واحد من زاخو الى الفاو، علينا أن نفكر بابناء العراق لاقناعهم بهذه الشعارات قبل ان نفكر بأقناع الآخرين بها!!
انا بانتظار يا فخامة الرئيس ردا على مقالتي، لاني أخشى ان ازور اربيل في الاشهر القادمة بجواز سفر واقامة!! كما أخشى ان أكون عاجزة عن اجابة نظرات صغيرتي التي تحلم بالحب والسلام على ارض وطنها وتصدق كل ما يقال منكم - انتم الكبار - لانها لم تجرب بعد غير الصدق! لا أرغب في أن تفقد ابنتي حبها لكم أنتم يا من ترسمون المستقبل لها ولزملائها، لان الحب في قلوب هؤلاء، السلام، التسامح، الامل، هو كل ما نملك، فلا تجعلوه يغدوا سرابا!