مايو 02، 2009

الأقليات في المجتمع الإسرائيلي


يبلغ عدد السكان غير اليهود في البلاد حوالي 1.7 نسمة، ويشكلون حوالي 24% من مجموع السكان. ومع أن التعريف الشامل "المواطنون العرب في اسرائيل" ينطبق عليهم عامة، فان بينهم عدداً من أبناء الطوائف الأخرى الذين يتكلم معظمهم العربية
ولكن لكل من هذه الطوائف مميزات خاصة بها.العرب المسلمون
يبلغ عددهم حوالي مليون نسمة، معظمهم من السّنة. ويقطن معظمهم في قرى ومدن صغيرة، غالبيتها في شمال البلاد.العرب البدو
وهم أيضًا من المسلمين يبلغ عددهم حوالي 170,000 نسمة. ينتمون الى حوالي 30 عشيرة، ويعيش معظمهم في مناطق متباعدة في جنوب البلاد. كان البدو يعيشون حياة الرّعاة الرُّحّل، ولكنهم ينتقلون تدريجياً من إطار اجتماعي عشائري الى إطار اجتماعي مستقر وينضمون تدريجياً إلى القوى العاملة في البلاد.العرب المسيحيون
يبلغ عددهم حوالي 117,000 نسمة. يعيش معظمهم في المدن مثل الناصرة وشفاعمرو وحيفا. ومع أن هذه المجموعة تضم فئات متعددة، إلا أن غالبيتها تتألف من الروم الكاثوليك ، الروم الأرثوذكس والرومان الكاثوليك .الدروز
يبلغ عددهم حوالي 117,000 نسمة ينطقون بالعربية ويعيشون في 22 قرية في شمال البلاد. ويشكل ابناء الطائفة الدرزية فئة ثقافية واجتماعية ودينية منفردة. ومع أن العقيدة الدرزية محاطة بالسرية، فإن أحد العناصر المعروفة من فلسفتها هو مفهوم "التقية"، الذي يدعو الى الإخلاص المطلق لحكومة الدولة التي يعيشون فيها.الشركس
يبلغ عددهم حوالي 3,000 نسمة، يعيشون في قريتين في شمال البلاد. والشركس هم مسلمون سُنّيون، ولكنهم لا ينحدرون من أصل عربي وليست لهم نفس الخلفية الثقافية التي ينتمي إليها العرب المسلمون عامة. ورغم ان الشركس حافظوا على هوياتهم العرقية المنفصلة، ولم يندمجوا في المجتمع اليهودي ولا في المجتمع الإسلامي فانهم يساهمون في الشؤون الاقتصادية والوطنية.الحياة الإجتماعية في القطاع العربي
منذ بداية العهد الإسلامي في البلاد في القرن السابع الميلادي، كانت هناك موجات من الهجرة العربية إلى البلاد، أو إلى خارجها. وتفاوتت هذه الموجات في حجمها، متأثرة أحيانا بالظروف الاقتصادية. في أواخر القرن التاسع عشر، عندما ادت الهجرة اليهودية الى التطور وتحسن الأوضاع الاقتصادية، توافد على البلاد الكثيرون من أبناء الأقطار العربية المجاورة سعياً وراء مصادر الرزق والأجور العالية نسبياً والظروف المعيشية الحسنة.
وتعيش غالبية السكان العرب في اسرائيل في مدن صغيرة وقرى في أربع مناطق رئيسية: الجليل، بما فيه مدينة الناصرة، المنطقة الوسطى بين الخضيرة وبيتح تكفا، النقب، واورشليم القدس. ويقطن قسم من السكان العرب في مدن مختلطة مثل عكا وحيفا واللد والرملة ويافا.
هنالك عدة عوامل تساهم في المحافظة على الطابع الخاص لكل مجموعة من الأقليات في البلاد، منها مثلاً: استخدام اللغة العربية، وهي ثاني لغة رسمية في اسرائيل، وجود جهاز تعليمي خاص بالقطاعين العربي والدرزي، وجود وسائل إعلام باللغة العربية ووجود محاكم شرعية إسلامية ومسيحية ودرزية تبتّ في الأحوال الشخصية.
مع أن العادات والتقاليد القديمة تستمر في التأثير على مظاهر الحياة اليومية في الوسط العربي، فإن هنالك عوامل أخرى تساهم في خفض مكانة هذه التقاليد تدريجيا. من هذه العوامل تغيير الأطر الاجتماعية التقليدية، وانتهاج التعليم الإلزامي، والمشاركة في العملية الديموقراطية في البلاد. في نفس الوقت طرأت تغييرات ذات مغزى على مكانة المرأة العربية في اسرائيل فأصبحت تتمتع بمدى أكبر من التحرر. كما ساهمت القوانين التي تحظر تعدد الزوجات وتحدّد السن الأدنى لزواج الفتيات في تحسين أوضاع المرأة.
ويعبّر أبناء القطاع العربي في اسرائيل عن اهتمامهم الفعّال بالحياة السياسية في البلاد عن طريق مشاركتهم في الانتخابات البرلمانية والمحلية. ويدير المواطنون العرب الشؤون السياسية والإدارية في البلديات الخاصة بهم، كما يمثل الأعضاء الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) العرب مصالح القطاع العربي، ويعملون على دعم مكانة المواطنين العرب وزيادة نصيبهم من الميزانية.
منذ قيام الدولة عام 1948، أعفي المواطنون العرب من الخدمة الإلزامية في جيش الدفاع الإسرائيلي، نظرا للروابط العائلية والدينية والثقافية القائمة بينهم وبين العالم العربي (الذي له نزاع طويل مع اسرائيل)، وكذلك تحسبا لاحتمال حالات من الولاء المزدوج. من جهة أخرى، هناك إمكانية للتطوع في الخدمة العسكرية، وبالفعل يختار جانب من أبناء الأقليات هذه الإمكانية. منذ عام 1957 أصبحت الخدمة العسكرية إلزامية بالنسبة للرجال الدروز والشركس، بناءً على طلب زعماء هاتين الطائفتين. وفي نفس الوقت يزداد عدد الشبان البدو الذين ينخرطون في صفوف جيش الدفاع الإسرائيلي.

ديناميكية العلاقات العربية اليهودية
يعيش المواطنون العرب الذين يشكلون اكثر من سدس واحد من مجموع سكان البلاد على هوامش النزاع بين اليهود والفلسطينيين. وفي حين يُعتبر عرب اسرائيل جزءاً من الشعب الفلسطيني من حيث الثقافة والهوية، ويعارضون تعريف اسرائيل كدولة يهودية، فانهم يرون مستقبلهم مرتبطاً باسرائيل. وقد تبنى عرب اسرائيل على مرّ السنين اللغة العبرية كلغة ثانية، وأصبحت الثقافة الإسرائيلية تحتل مكاناً في حياتهم. وفي نفس الوقت، فانهم يطمحون في تحقيق مدى أكبر من المشاركة في الحياة العامة، والمزيد من الاندماج في المجال الاقتصادي والمزيد من الإنجازات للقطاع العربي في البلاد.
يلاحظ أن الفوارق القائمة بين القطاعين العربي واليهودي في البلاد من حيث العقيدة والقيم الاجتماعية والقناعات السياسية قد أعاقت حدوث تفاعل واسع النطاق بينهما. ومع ذلك، وبالرغم من هذه الفوارق، فقد تحقق على مرّ السنين نوع من القبول المتبادل بين القطاعين، حيث يعترف كل منهما بالصفات الخاصة المميزة للجانب الآخر وبتطلعاته، واتّسع نطاق المشاريع المشتركة التي تشمل القطاعين.
التعددية والإنغلاق
يعتبر المجتمع الإسرائيلي مجتمعا تعددياً, اذ يوجد فئاتها تباين عرقي وثقافي وديني ولغوي. ولا توجد سياسة رسمية تفصل بين فئات المجتمع، إلا أن بعض الفئات تنتهج أسلوباً من الإنغلاق لتحافظ على هوية ثقافية ودينية وعرقية، وربما على هوية ايديولوجية متينة.
ولكن، بالرغم من وجود ظواهر لا يُستهان بها من الإنقسام الإجتماعي ومن الفوارق الاقتصادية، إلى جانب جدال سياسي صاخب في كثير من الأحيان، فان المجتمع الإسرائيلي هو مجتمع متوازن ومستقر نسبياً. وإذا كانت الإحتكاكات بين الفئات الإجتماعية المختلفة تظل محصورة، رغم الإحتمالات لاحتدام التوتر بينها، فإن ذلك يعود إلى كون النظام السياسي والجهاز القضائي يقومين على ضمان المساواة المدنية والمساواة أمام القانون لكل مواطن. من هنا يتبين أن المجتمع الإسرائيلي ليس بمثابة بوتقة انصهار، بل هو بالأحرى فسيفساء يتكون من عدد من الفئات السكانية تتعايش في إطار دولة ديموقراطية.