أبريل 06، 2009

إقليم كردستان والسياسة النفطية


منير الجلبي *

منذ الاحتلال الأميركي للعراق، كانت سياسة كل من الحزب الديموقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني الحاكمين، مبنية على التعاون مع كل مخططات إدارة بوش وتشيني؛ لهذا، سنجد أن استراتيجيات الحزبين المتعلقة بالنفط والغاز ليست استثناءً. ويبقى امتثالهما الكامل لمطالب الإدارة الأميركية وشركات النفط العالمية متطابقاً مع مصالح قادة كلا الحزبين.
إنّ سياسات الحزبين الكرديين تهدف إلى ضمان أن تكون كل عمليات إنتاج النفط والغاز في المناطق الكردية حكراً على شركات النفط العالمية عن طريق مشاريع «المشاركة في الانتاج». كذلك تريد أن تضمن أن تبقى قدرة وإمكانات شركة النفط الوطنية العراقية الجديدة في الإنتاج، عند مستوى الحد الأدنى. إضافة إلى ذلك، فإنّ حكومة إقليم كردستان تريد أن تؤخَذ جميع قرارات التخطيط الاستراتيجية على الصعيد الإقليمي لا على المستوى الاتحادي.
فما هي نقاط الخلاف الرئيسية بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة إقليم كردستان حول قانون النفط والغاز؟
ـــــ حكومة أربيل تريد أن تتم على الفور خصخصة الغالبية العظمى من موارد النفط والغاز في مناطق حكومة إقليم كردستان، إن لم يكن في كل العراق، فيما تسعى الحكومة الاتحادية إلى خصخصة الجزء الأكبر من احتياطيات النفط والغاز مع الاحتفاظ بالحقول المنتجة حالياً، مؤممة.
ـــــ تريد حكومة إقليم كردستان تطبيق نموذج اتفاقيات «المشاركة في الإنتاج PSC» فقط، وهو النموذج الذي يلبي جميع مطالب شركات النفط العالمية الكبرى IOCs ، فيما وزارة النفط الاتحادية تريد استخدام نماذج أخرى من الاتفاقات مثل «عقود مخاطر الاستكشاف» و«عقود للاستكشاف والإنتاج» التي تمثل شكلاً من الأشكال «المختلطة» من العقود، وتلبي العديد، لكن ليس جميع مطالب الشركات العالمية.
ــ إن حكومة إقليم كردستان تريد أن يتم التخطيط الاستراتيجي من أجل التنمية على المستوى الإقليمي، فيما وزارة النفط الاتحادية تريد مركزة مثل هذه القرارات الهامة وأن يكون على مستوى الوزارة الاتحادية، لكن مع مشاركة من الأقاليم والمحافظات.
إنّ حكومة إقليم كردستان قد ذهبت منفردة في طريق توقيع «عقود المشاركة في الإنتاج PSC» مع عدد من شركات النفط الدولية «IOC» (تصل إلى 28 إلى هذا التاريخ) من دون عرضها على وزارة النفط الاتحادية في بغداد، وحتى من دون أي مناقشة مع الوزارة الاتحادية. إن وزير النفط الاتحادي الشهرستاني عارض بشدة هذه الخطوة، ورأى أنّ جميع هذه الاتفاقات غير مشروعة وهدّد الشركات الدولية التي وقعتها بتصنيفها على القائمة السوداء من وزارة النفط الاتحادية في بغداد.
ـــــ تريد حكومة إقليم كردستان بسط سيطرتها على حقول النفط والغاز في المناطق التي لا تمثّل جزءاً من أراضي حكومة إقليم كردستان، التي يسمونها «المناطق المتنازع عليها» في محافظات نينوى وديالى. غير أن الحكومة الاتحادية لا تقبل حتى هذا التاريخ، ادعاءات حكومة إقليم كردستان في تلك المناطق.
ـــــ تريد حكومة إقليم كردستان ضم محافظة كركوك، وبالتالي يريدون السيطرة على الغالبية العظمى من موارد النفط والغاز في شمال العراق. وبما أن الخلاف بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان على كركوك لم يحسم بعد، تؤكد الحكومة الاتحادية أن جميع حقول النفط والغاز في كركوك يجب أن تبقى من صلاحيات وزارة النفط الاتحادية في بغداد.
لقد أدت الرشوة الأميركية والفساد دوراً رئيسياً في رسم خطط حكومة إقليم كردستان، حيث إن قادة الحزبيين في الحكومة الإقليمية يحصلون على نسبة مئوية من كل عقد «مشاركة في الإنتاج» يوافقون عليه بحسب الشائعات المنتشرة في الإقليم التي اعترف بها بعض المسؤولين الأميركيين في العراق والتي تفيد بأن شركات النفط العالمية تدفع ما يصل إلى 20٪ عن كل عقد. لقد صرّح عدد من المقربين لمسؤولين في المفاوضات من شركات النفط بأن مساعدي رئيس الإقليم مسعود البرزاني كانوا يطالبون بما يصل إلى 10% من الإيرادات حصةً للبرزاني شخصياً، ومبلغ مماثل لحزبه. وفي 23 حزيران/ يونيو 2004 حوّلت السلطات الأميركية 1.4 مليار دولار إلى القيادات الكردية، وهو ما يعادل 17٪ من 8.3 مليارات دولار من أموال الشعب العراقي من «برنامج «النفط مقابل الغذاء». وبعد أقل من أسبوع على تلقي المبلغ، وقّعت حكومة إقليم كردستان أول اتفاق «مشاركة في الإنتاج» نفطية مع الشركة النرويجية «DNO».
* محلل في الشؤون السياسية والطاقة مقيم في بريطانيا