مارس 14، 2009

أبناء المسؤولين الحزبيين الأكراد وحكم القانون!


خاص من دهوك

نادر أن تتكلم الصحافة الكردية في دهوك عن مشاكل السلطة الكردية وتجاوزاتها وأعمالها اللاشرعية، فالخوف هو السائد، وإن تسرب خبر فيكون قد خفف من وطأته ويبث في الإعلام بتأخير، كي لايثير ردّ فعل رجال السلطة والإمتيازات. الحادث وقع بتأريخ 20 و 21 من شهر كانون الثاني من هذا العام في محافظة دهوك التابعة لقيادة الحزب الديمقراطي الكوردستاني، وهي احدى القلاع التي يحتكرها رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، أدى الحادث الى إمتناع آباء الطلبة إرسال أولادهم الى المدرسة المشهورة (نوهات) لعدة أيام. ويكشف الحادث مدى الإستهتار بكل شيء حتى التعليم الذي هو عماد بناء المجتمعات ومستقبل أجيالها.
فعادة عند حدوث اضطرابات أمنية فردية أو جماعية يراد بها الإخلال بالأمن، يلجأ المواطن بدائرة الشرطة حيث واجبها حماية المواطن من العابثين والمشاغبين، لكن الحادث يظهر أن الشعارات التي تطلقها الإدارة الكردية مثل الشرطة وأجهزة الأمن والقوات المسلحة بأنواعها هي في خدمة الشعب، ليس لها في ميدان الواقع أثر، وتبقي المؤسسات التي شكلتها القيادات الحزبية في كردستان، متسمة بروح المليشيات التي تنقاد وتتصرف وفق أوامر مسؤولي الحزب وبأمر من أولادهم المدللين. ويكشف حادث مدرسة [نوهات] روح المليشيا المتأصلة بقوة في جهاز مايطلق علية (حكومة الإقليم).
مضمون الحادث أن عراكاً حصل بين إبن محافظ مدينة دهوك وإبن مدير بلدية نفس المدينة. وعلى أثر العراك، عاد إبن محافظ دهوك ليجمع أتباع والده المسلحين ويهجم على مدرسة (نوهات) ودبّ الذعر بين المعلمين والطلبة وأخذوا بالفرار، وعندما يأس معلم الرياضة من مديرية الشرطة بإرسال عدد من رجال البوليس لوقف هذا الإستهتار، قفز معلم الرياضة فوق حائط المدرسة لإبلاغ مديرية المعارف بالحادث والشكوى من مديرية الشرطة الذين لم يقوموا بواجبهم لوقف أعمال الإعتداء.. كما أرسل إبن المحافظ أيضاً مسلحين ليقبضوا على أشخاص ينتمون الى الطرف الخصم والانتقام من ابن رئيس البلدية، وفي الواقع لم يكن الأخير موجوداً في المدرسة أثناء الهجوم المباغت من قبل ابن المحافظ .
لابد وان يكون هذا الحادث غريباً حتى في المجتمعات شبه المتحضرة فضلاً عن مجتمعات متحضرة، تفرض مؤسسات الدولة والقانون احترامها على المواطنين بفضل ماتقدمه من خدمات أمنية واجتماعية. ان واجب رجال الشرطة هو حماية المواطنين وتوفير الأمن والسلامة للمجتمع دون استثناء. وعندما إقترح أحد المواطنين بعد ثلاث أيام من الغلق إعادة فتح المدرسة على ان ترسل ادارة الشرطة حارساً لحمايتها ولإدخال الطمأنينة لنفوس الطلبة حتى عودة الحياة الدراسية لمجراها الطبيعي، علقت إحدى السيدات الحاضرات أثناء المناقشة قائلة لصاحب المقترح: "عجيب، أنت تطلب من الشرطة الحماية، لقد كانوا هم مشتركون في الفوضى!" أي بمعنى أدق، قوة الشرطة في المدينة لاتستطيع مخالفة أوامر المدللين من أولاد قيادات الحزب الديمقراطي الكردستاني.إن ماحصل في دهوك يومي 20 و 21 من شهر كانون الثاني لايعدو ان يكون نموذجاً بسيطاً وتافهاً بالمقارنة مع تصرفات المدللين مما يذكر المواطنين بأجواء نظام البعث الإستبدادى.
عرف أبناء المدينة دهوك باطلاق النكات البارعة، وقد علقت إحدى المعلمات على حادث مدرسة (نوهات):"إنني اوصي أقاربي و أصدقائي المقربين بالإذعان للسلطة، فذلك طريق السلامة، وقد تعلمت ذلك خلال الحياة التي عشتها في ظلّ نظام البعث."!!! وعندما سأل أحد الطلاب بدهشة أستاذه الذي قفز فوق الجدار العالى، كيف تمكن من القفز على الجدار بهذا العلو، أجاب ساخراً: "أمارس الرياضة دائماً، لماذا ؟ لكي أستفيد في لحظة حاسمة كتلك التي عشناها أثناء الهجوم."!!!

ملاحظة: هذه مقتطفات من رسالة مطولة من دهوك.