سبتمبر 25، 2009
البنات يلجأن الى مدن كردستان لارتداء التنورات القصيرة والجينز والتي-شيرتات
قالت مراسلة للأسوشييتد برس في بغداد، إن عوائل عراقية كثيرة نظمت رحلات جماعية الى مناطق الشمال، هروباً من العنف المتقطع في المدن الكبيرة، ولاسيما العاصمة بغداد.
وأوضحت المراسلة أن طرق مثل هذه الرحلات كانت خطرة في السنوات الماضية، لكنّ وضعها تغيّر، بسبب التحسن الذي طرأ على الوضع الأمني في عموم البلاد. وقالت إن السلطات الكردية سهلت هذه السنة إجراءات الدخول الى إقليم كردستان شبه المستقل، فيما كانت محطات التلفزة والفضائيات تعلن عن رحلات سياحية لمناسبة العيد، بهدف اجتذاب الزائرين من مختلف مناطق العراق الأخرى.
وبالنسبة للمسافر المرهق من قلق العنف وبقايا تأثيرات الحرب الطائفية، تعتبر كردستان ليست فقط ملجأ، إنما مكان تتوفر فيه الطاقة الكهربائية، إضافة الى التمتع بجمال الطبيعة، وبأماكن أكثر برودة، إضافة الى القليل من القيود الاجتماعية التي فرضتها سيطرة الأحزاب الدينية على مناطق العراق الاخرى.
ونقلت الأسوشييتد برس عن حيدر محمد علي 36 سنة- موظف حكومي في بغداد، والذي استصحب زوجته، واثنين من أطفاله وعائلة ابن عمه إلى أربيل مستقلين حافلة صغيرة، قوله: ((لقد سمعنا من أناس آخرين كانوا لفترة في أربيل، كما لو أننا سنمضي العطلة في بلد آخر غير العراق))!.
وفي السنوات الماضية، قضى الكثيرون من العراقيين عطلة الأعياد الدينية، داخل بيوتهم خوفاً من العنف الذي كان يسود الشوارع. وبعض الذين كانوا يغامرون بالخروج من بيوتهم قتلوا في عمليات تفجير السيارات المفخخة التي كانت تهزّ الأسواق والحدائق العامة التي يجتمع فيها الناس بهدف الراحة والتنزه. وحتى الجوامع كانت خالية من المصلين، وبدلاً من أن يتبادل الأقرباء زيارة بعضهم بعضاً، فإنهم يكتفون بالسلام عبر الهواتف الخلوية.
وخلال السنوات الست الماضية، كانت كردستان العراقية –التي تدير نفسها بنفسها، والمحمية بقواتها الخاصة التي تسمى ميليشيات البيشمركه- أكثر أمناً من بقية مناطق العراق. وتعد مدن شمال العراق وضواحيه الأكثر جمالاً في البلاد والتي تجتذب السياح من الولايات المتحدة وأوروبا للتمتع بشلالاتها وجبالها وبحيراتها الطبيعية.
والمعروف في المجتمع العراقي أن الناس تحتفل بعيد الفطر بعد شهر من الصوم بتبادل الزيارات بين الأقرباء، وبزيارة القبور، أو بالسفر الى مناطق جميلة بهدف تغيير رتابة الحياة اليومية. والكثيرون من العراقيين اعتادوا في أثناء السنة الماضية على زيارة مدينة السليمانية الكردية لشراء الملابس التي لا يجدونها في أسواق بغداد أو المدن الأخرى.
وتقول الآنسة فردوس مراد 24 سنة إنها تشعر بأنها (مخنوقة) بالعنف الذي يتفجّر بين آن وآخر في بغداد، وتعبر عن استيائها من البيئة الاجتماعية المحافظة التي تسودها. وكانت هي وابنة عمها ترتديان ملابس حديثة، لا تجرؤان على ارتدائها في بغداد. كانت فردوس ترتدي بنطلون الجينز وتي شيرتاً قصيراً، فيما كانت ابنة عمها ترتدي تنورة قصيرة. وتقول فردوس: ((لقد جئنا الى هنا لأننا في بغداد لا نشعر أننا أحرار في ارتداء الملابس التي نريدها، ولا نستطيع المشي في الشوارع من دون خوفنا من الاختطاف أو أن نكون هدفاً للتفجيرات)).
وأضافت قولها: ((نجيء هنا لنشم نسيم الحرية. وفي الحقيقة إن هذه الرحلة سوف تنتهي سريعاً، وسوف نعود الى بغداد، حيث تذبل الحياة بما نعيشه من مرارة فيها، وحيث فسُدت السعادات التي كنا نتمتع بها)).
وتؤكد مراسلة الأسوشييتد برس: على مر السنين الست الماضية، انتقل الكثيرون من الفنانين العراقيين، والأطباء، وأساتذة الجامعات الى مناطق شمال العراق بسبب الأمان المتوفر فيها. وكانت جامعة أميركية الطراز قد افتتحت في كانون الثاني سنة 2008 بمدينة السليمانية التي تقع شمال شرق بغداد بمسافة 160 ميلاً، لكن هذه المدينة، تعيش عالما آخر غير عالم الاضطراب والقلق والمشاكل الأمنية والاجتماعية في العاصمة.
وبعد حرب الخليج سنة 1991، كانت الأقلية الكردية في العراق –التي عانت بشدة من نظام صدام حسين- قد وقعت تحت سيطرة الحماية الجوية الأميركية، وقطعت بذلك جميع الروابط مع بغداد. وخلال التمرد الذي تفجّرت حربه بعد غزو العراق في آذار 2003، بقيت كردستان أرضاً آمنة. وعملت وزارة السياحة في كردستان على ترميم المصايف، والإعلان عنها في أجهزة الإعلام والفضائيات بهدف اجتذاب السياح، إلا أن الوزارة المذكورة لا تمتلك إحصائيات دقيقة عن عدد الزوار، لكنها تؤكد أنه تضاعف عما كان عليه في عيد الفطر للسنة الماضية.