سبتمبر 08، 2009
ماهو المصير الذي ينتظر حزب بيجاك؟
يقول آدم أشتون مراسل صحيفة ميكلاتشي الأميركية إن ثمة أنشوطة تلتف حول عنق المجموعة التي تسمّي نفسها ((المقاومة المسلحة الأخيرة للجمهورية الإسلامية في إيران))، لكن العصابات الفدائية التي تحمل أسلحة الكلاشنكوف ترفض نداءات نزع السلاح، وتؤكد أنها لن تلقي بنادقها، وترفض مغادرة مخافرها الأمامية (الخفيّة) أو (المموّهة) في مناطق شمالي العراق التي يسيطر عليها الأكراد.
وواشنطن –كما تزعم الصحيفة- جمّدت ممتلكات (حزب الحياة الحرة) الكردستاني، أو (PJAK) الذي يضم ميليشيات مسلّحة معادية للنظام الإيراني والتي كانت لها علاقات استخبارية غير رسمية مع الجيش الأميركي، وكان العراق قد أغلق النشاطات السياسية لها. والحكومة المحلية في إقليم كردستان تدفع أيضا باتجاه نزع سلاح المجموعة.
وتقول الصحيفة إن إيران تتعاون مع العراق وتركيا في عمليات قمع هذه المجموعة، لكنّها تستمر في شنّ ضربات صاروخية على المناطق التي تسيطر عليها ميليشيات (حزب الحياة الحرة) داخل الحدود العراقية. وإحدى الهجمات الضاربة حدثت في 23 آب من السنة الحالية، طبقاً لما أكده قائد عسكري كردي عراقي.
وأوضح سامي العسكري أحد المستشارين المقربين من رئيس الوزراء نوري المالكي إن هذه الميليشيات الكردية المعادية للنظام الإيراني ((تقتل الناس في إيران، وتختفي في بلدنا)). وأضاف: ((إن الحكومة ترغب في نزع سلاح هذه المجموعة بجهود سلمية، لكن إذا التزمنا باستعمال القوة، فإننا سنستخدمها))!.
ويرى آدم أشتون إن عزلة ميليشيات PJAK آخذة في التشابه مع مصير مجاهدي خلق في العراق، المجموعة الأخرى المعروفة بعدائها السياسي والعسكري للحكم في إيران، والتي لها روابط استخبارية أيضاً مع الولايات المتحدة، ولها لاجئون في العراق موجودون حتى السنة الحالية، التي أقدمت فيها الحكومة العراقية على اتخاذ إجراءات عسكرية مشدّدة لغلق معسكراتها. وعلى الضد من ذلك فإن المجموعة الكردية الإيرانية ترفض إلقاء أسلحتها.
وفي مقابلات أجرتها ميكلاتشي في معسكرات المجموعة بجبال قنديل، يؤكد زعماؤها تحدّيهم لتداعيات مرحلة التراجع التاريخي من نشوء حركات الاستقلال الكردية في الستينات. ويقول آجر شاهو (31 سنة) قائد PJAK، وأحد الأعضاء السبعة في هيئة التنسيق، والذي بدا محاطاً بثلة من حراسه الشخصيين: ((أحياناً يُطلب منّا نزع أسلحتنا، لكننا لا نأخذ مثل هذه الدعوات بنظر الاعتبار)). وتابع قائلاً: ((إذا ما نحن قمنا بما يُطلب منا، فلن نحصل على حريتنا)).
وتقول المجموعة إنها قتلت المئات من الجنود ورجال الشرطة الإيرانية منذ سنة 2004 عبر مداهمات على مخافرهم الحدودية الأمامية. وداخل العراق، يجد شاهو والعديد من مقاتلي PJAK غطاء جيداً في البيوت الصخرية المغطاة بالبلاستيك وبأغصان الأشجار بهدف التمويه. إنهم يتنقلون عبر الحدود مشياً على الأقدام، ويستخدمون الزراعة في توفير غذائهم الخاص بهم.
وتوضح صحيفة ميكلاتشي أن هذه المجموعة فرع من حزب العمال الكردستاني التركي الأكبر والأفضل تمويلاً، والمعروف باسم PKK والذي يقاتل داخل تركيا، وفي الغالب يجد له ملاذات آمنة في شمالي العراق، منذ ثمانينات القرن الماضي، وكان قد خاض اشتباكات كثيرة أدت الى مقتل عشرات الألوف من الأشخاص. إنهم يشتركون في تأسيس (دولة مستقلة في كردستان) وفي المناطق التي تغطي أجزاء من تركيا، والعراق، وسوريا، وإيران.
ومجموعة PKK تركز على تركيا، فيما تركز مجموعة PJAK على إيران. وإذا لم تستطع الحصول على استقلالها، فإن هذه الميليشيات تطالب بحقوقها كأقلية، وبحكومات ذاتية يديرها الأكراد، شبيهة بمنطقة الحكم الذاتي في إقليم كردستان العراق.
وتتمترس ميليشيات PJAK على بعد حوالي 150 ميلاً شمال غرب مدينة أربيل في إقليم كردستان. ولكي يصل إليها المرء –كما يقول مراسل ميكلاتشي- فإن ذلك يتطلب منه اجتياز ثلاث نقاط تابعة لقوات الحكومة الإقليمية في كردستان، ورابعة مسيطر عليها من قبل ميليشيات نسوية تابعة لحزب PKK الأخ الأكبر لميليشيات PJAK. إن عضوات الميليشيات الشابات، يفتشن هويات التعريف، ويتلقين ترخيصاً بالزيارات عبر اللاسلكي، ويوصلن المعلومات إلى ضباط كبار في أعماق جبال قنديل. والطرق المعبّدة بشكل جيد من قبل حزب PKK تعطي الأذن بالسير في الطريق الوعرة والقذرة أحياناً التي تقود الى قواعد PJAK. وللوصول إليها تستغرق الرحلة ساعات عدة بالسيارة بعد آخر نقطة تفتيش تسيطر عليها فدائيات PKK.
ويتابع المراسل قائلاً: إن الثلج يغطـّي تضاريس المنطقة في أشهر الشتاء. وفي الصيف، يغطي العشب الأخضر قمم الجبال. وهناك نحو 10 قرى تحاذي الطرق الموحلة، ويشاهد المرء من بعيد صحون الفضائيات تنتصب فوق السقوف التي تبدو متداعية. وثمة صور عملاقة للزعيم الكردي عبدالله أوجلان، السجين في تركيا، وهي تغطي جوانب التلال. وأعضاء PKK، نصفهم نساء، وهم يقيمون في أراض زراعية على طول الطريق المؤدية الى الحدود الإيرانية.
وعناصر ميليشيات الحزبين، يرتدون ملابس متشابهة، جاكيته خضراء، واللباس الكردي العريض التقليدي، الذي يزنّر من الوسط. وأوجدوا لهم مقبرة خاصة في الجبال، عبارة عن حديقة تغطي جنباتها الأزهار والورود. وفيها يدفنون (شهداءهم) من الرجال والنساء الذين قتلوا في العراق، أو في إيران، أو في تركيا.
ويقول حسن كاظمي قمّي، السفير الإيراني ببغداد في إجابة مكتوبة رداً على أسئلة مراسل صحيفة ميكلاتشي: ((إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية، سوف تواجه وبقوة أية مظاهر إرهابية)). وأضاف: ((هناك تعاون بين العراق وإيران والمنطقة تتعلق بجهود ضمان أمن الحدود)).
ويؤكد آدم أشتون أن طهران تلوم من وقت لآخر الولايات المتحدة على تمويلها (حزب الحياة الحرة) أو PJAK كما تتحدث تقارير حكومية عن الضربات ضد مخافر ومعسكرات هذه المجموعة في إيران أواخر آب الماضي. والسفير الإيراني تحدث وبشكل غير مباشر عن الدعم الأميركي لميليشيات PJAK في الماضي، جواباً عن سؤال لميكلاتشي بشأن المجموعة.
وأوضحت الصحيفة أن مسؤولين سابقين أميركان وفي PJAK كانوا يأملون في تطوير العلاقات مع ميليشيات المجموعة، لكن اعتداءات حرب العصابات من قبل مجموعة PKK في تركيا، أثارت أزمة في العلاقات الأميركية-التركية، فاختارت إدارة بوش دعم حليفتها الستراتيجية تركيا.
وتكشف الصحيفة أن الولايات المتحدة سبق لها أن أرسلت وفوداً عسكرية بمستويات واطئة للاجتماع مع ميليشيات PJAK في وقت مبكر من حرب العراق، أي حوالي سنة 2004 بهدف جمع المعلومات الاستخبارية وممارسة دور العيون في إيران، طبقاً لقول عثمان أوجلان، مؤسس PJAK، وأخو زعيم PKK عبدالله أوجلان.
وتحدّث مسؤول عسكري أميركي كبير سابق، بشرط عدم الكشف عن هويته –لأن الاتصالات يجب أن تبقى سرية- مشدّداً على صحة المعلومات التي أدلى بها عثمان أوجلان. وقال أوجلان إن الولايات المتحدة ومجموعة PJAK، تبادلا المعلومات بشكل رصين لفترة من الوقت، لكنه شخص العلاقة الآن بأنها (ضعيفة). وقال زعيم كبير آخر في المجموعة –والذي تحدث بشرط السرية حماية لأمنه- إن واشنطن مستمرة بالاتصال مع PJAK. ورفض الزعيم الكردي التوسع في الحديث عن هذا الموضوع.
ويقول عثمان أوجلان الذي يعيش الآن في مدينة السليمانية: ((أرادت أميركا التدخل في نشاط ميليشيات PJAK، بهدف إزعاج إيران، واستخدام هذه المجموعة كبطاقة رابحة في النزاع بين طهران وواشنطن)). ويؤكد قوله: ((إن المجموعة لديها نشاطات داخل إيران، ولها أتباع، وهي لذلك مغرية جداً بالنسبة للأميركان)).
وشاهو، قائد الميليشيات، وعثمان أوجلان، الهارب من ملاحقة الأتراك، كلاهما يقول إن تحرك إدارة باراك أوباما في شباط لتجميد ممتلكات حزب PJAK وشجب هجماتها كان له تأثير مباشر ضئيل في المجموعة. زعيم PJAK، عبد الرحمن حاجي أحمدي، يعيش في ألمانيا، وممتلكات المنظمة يُعتقد أنها في أوروبا، أو تُجمع من الأكراد الذين يعيشون في إيران.
وأوضح أوجلان قوله: ((بالتأكيد إن المنظمة لا تضع أموالها في البنوك الأميركية، وهذا القرار، والإعلان عنه ليس حقيقياً)). وأنكر شاهو أن الحكومة الأميركية قد ساعدت يوماً ميليشيات حزب الحياة الحرة بأي شكل من الأشكال.
وقال شاهو الذي يسكن في قرية تبعد بضعة أميال عن الحدود الإيرانية: ((إذا كنّا حقيقة نتلقى دعماً من أميركا، فإننا نستطيع أن نقوم بالكثير. لو كنا نحظى بالمساعدة، لم نكن لنبقى هنا)).
ويتابع آدم أشتون مراسل صحيفة ميكلاتشي حديثه قائلاً: إن حزبي PKK، وPJAK يمكن أن يصبحا أكثر هجوميين هذا الشهر. ومن المتوقع أن يصدر زعيم PKK عبدالله أوجلان أوامر جديدة لمنظمته في غضون أسابيع، والتي يمكن أن تتضمن ما كان معروفاً بوقف إطلاق النار الواقعي، فيما تستمر محادثات السلام بين حزب PKK، وأنقرة، وبغداد، طبقاً لما يقوله روج ويلات الناطق باسم منظمة تشكل غطاء لميليشيات PJAK، وPKK.
وقال شاهو إن منظمته قد خفضت عملياتها الهجومية، لتعطي مجالاً لانتخابات حزيران في إيران، وتصويت تموز للحكومة المحلية في إقليم كردستان. وقد أظهر الهدوء علامات على التحركات السريعة الخاطفة، قبل أن تستأنف الميليشيات هجماتها. وكانت إيران في 23 آب، قد أعلنت أنها قد قتلت 26 عضواً من مجموعة PJAK في شمال غرب إيران. ولقد أطلقت أيضاً صاروخاً وقع في أحد معسكرات المجموعة في العراق أواخر شهر تموز.
ومن جانب آخر قلّص الزعماء الأكراد العراقيون من النشاط السياسي لمجموعة PJAK، ولكن ليس من المحتمل استخدام القوى العسكرية لإزاحة المجموعة، لأن الكثيرين من الكرد في الأقل يتعاطفون مع قضية PJAK. ومازالت الحكومة المحلية في كردستان تلوم المجموعة في تنفيذ هجمات عبر الحدود الإيرانية ولا تلوم طهران!.
ويقول فلاح مصطفى بكر، وزير الخارجية في الحكومة المحلية لكردستان، والذي منع حزبي PJAK وPKK من افتتاح مكاتب سياسية لهما في المحافظات الشمالية الثلاث: ((لا نريد أن نحشر في وسط هذه النيران)). وأضاف: ((طالما توجد لدينا هذه المجموعات المسلحة، لن يكون لدينا مستقبل سلمي وآمن)).