أبريل 26، 2009

''حلم الأكراد القومي بكوردستان الكبرى هو حلم في قصائد الشعر''


قاسم محمد علي

''حلم الأكراد القومي بكوردستان الكبرى هو حلم في قصائد الشعر''
هكذا صرح رئيس جمهورية العراق والأمين العام للأتحاد الوطني الكوردستاني الأستاذ جلال طالباني خلال زيارته الأخيرة الى تركيا.
قبل أن نبين عواقب وملابسات مثل هذه التصريحات الخطيرة نتوقف لحظة لنبين بعض الأمور الأساسية والحزبية للمواطن الکوردي الكريم.
نحن لسنا هنا بصدد هل أن نشوء الدولة الكوردية الكبرى قابل للتحقيق أم أنها مجرد حلم. وأنما بصدد أن نبين ونوضح الموضوع الأساسي والجوهري، وهو أن حق تقرير المصير للأمة الكوردية يعتبرحقاً مشروعاً كما لباقي شعوب العالم في هذا العصر. وهذا لم يعد شعاراً ثورياً، كما في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، وأنما اليوم يعتبر بنداً من بنود ميثاق الأمم المتحدة، وكل الدول الأعضاء في هذه المنظمة الدولية تعترف بهذا البند، وبالميثاق. كذلك فان الدولة الكوردية الكبرى تعتبر حقاً طبيعياًً للكورد. ويعتبر النضال السياسي السلمي والعادل الذي يخوضه الشعب الكوردي، من أجل حقوقه القومية المشروعة، في البلدان المنقسم فيها، أيضاً حقاً قومياً مشروعاً. هذا مع العلم أن أساليب النضال تأخذ أشكالاً مختلفة في مراحل تأريخية مختلفة. وبأعتبار أن الحوار السلمي هو شكل النضال السياسي الأكثر قبولاً في العالم اليوم، ولكي تكون هناك أرضية مناسبة للتعايش السلمي بين الجلاد والضحية، فأن الحد الأدنى المطلوب من الجلاد هو أعطاء العفو العام والقبول بالعمل السياسي السلمي للقوميات ألأخرى، وحينها قد يتوفر مناخ ملائم للحوار السياسي، يمكن للضحية الأستفادة منه والأنخراط في العمل السياسي السلمي في البلدان المنقسمة فيها الأمة الكوردية.
أن الأستاذ جلال طالباني لم يشر خلال تصريحه بأن هذا هو رأيه الشخصي، وبالتالي هذا ليس مجرد تصريح شخصي عابر، وأنما يبين موقفا سياسيا لقائد کوردي حول قضية شعبه والأمة الكوردية.
أن أي موقف أو أي تصريح غير مسوؤل لأي قائد أو أي مسوؤل حزبي کوردي يجب أن يخضع الى المساءلة والمحاسبة الحزبية، وأن يتحمل الشخص المسوؤل عواقب تصريحاته، ويدفع ثمنها سياسيا. هذا هو اسلوب العمل السياسي لدى الأحزاب الديممقراطية في العالم. وهكذا هو الحال أيضاً داخل الأحزاب الأشتراكية الدولية في العالم والذي يعتبر الأتحاد الوطني الكوردستاني عضوا فيها.
على مايبدو وللأسف الشديد ، أن المكتب السياسي للأتحاد الوطني الكوردستاني، لايمتلك الجرأة السیاسیة بأن يأخذ دوره القيادي كأعلى سلطة في الحزب، وأن يضع الأمين العام للأتحاد الوطني الكوردستاني أمام المحاسبة الحزبية، بالنسبة لتصريحاته الخطيرة هنا وهناك، بأعتبار أن المصلحة القومية العليا للشعب الکوردي يجب أن تكون فوق أي أعتبارآخر، وأن تكون فوق الجميع. ولأننا نؤمن بأن الولاء المطلق يجب أن يكون للشعب فقط، وأعتبار العمل الحزبي وسيلة من أجل خدمة المواطن وتثبيت حقوقه القومية المشروعة ، لا السعي وراء كسب ولاء القيادة من أجل المنافع الشخصية الضيقة على حساب حقوق الشعب. لذا يحتم علينا الواجب القومي والمسؤولیة التأریخیة كمواطنين كورد أن نرد على مثل هذه التصريحات، على أمل أن نضع قیادتنا السیاسیة أمام المحاسبة القومية.
أن رئيس جمهورية العراق ) الأمين العام للأتحاد الوطني الكوردستاني) زار تركيا بدعوة رسمية لحضوره منتدى عن المياه، بأعتباره رئيس جمهورية العراق، وليس كونه واحدا من قادة الكورد، لأن الدولة التركية غير مستعدة لحد الأن أن تستقبل على الأراضي التركية، أي قائد أو حتى رئيس أي حزب كوردي. لذا كان من الفروض أن تكون تصريحات رئيس جمهورية العراق ضمن حدود الدولة العراقية وضمن حدود المصالح المشتركة بين الدولتين العراقية والتركية، وكذالك حول التعاون الأمني بين الدولتين. لكن التطرق الى هذا التعاون الأمني لا يعني تطمين الدوله التركيه على حساب المصالح وتطلعات ألأمة الكوردية للحرية والديمقراطية، في حقوقه القومية المشروعة، وفي التعاون والتعايش السلمي مع جيرانه وشعوب المنطقة، والتي لاتتضارب مع أمن دول المنطقة.
نحن لانستوعب في الحقيقه البعد السياسي لهذا التصريح. أن كان فقط مجاملة سياسية من أجل تطمين الدوله التركيه، أو محاولة لتهدئة شكوك تركيا التاريخية تجاه المسألة الكوردية، فهذا خطأ سياسي كبير، لأن تركيا والمسوؤلين الأتراك يرون في المسألة الكوردية تهديدا للأمن القومي التركي. والدليل على ذلك نتذكر عام 2003، أيام تحرير العراق، عندما حاول الحلفاء وبقيادة الولايات المتحدة الأمريكية كسب موافقة تركيا لدخول أراضيها، وذلك لفتح جبهة عسكرية أخرى من كوردستان العراق، لشن هجوم عسكري على نظام صدام حسین، مقابل تقديم مساعدات مالية أمريكية هائلة الى الدولة التركية.
لقد رفضت تركيا في حينها كل تلك المساعدات المالية ألأمريكية. ورفضت أيضا دخول القوات الأمريكية الى داخل الأراضي التركية. هذا في حين أن تركيا تعتبر لدى الأمريكان أنفسهم حليفاً ستراتيجيا للولايات المتحدة الأمريكية. ويعلم الجميع لماذا رفضت تركيا هذا الطلب الأمريكي والحليف الأستراتيجي لها. رفضت فقط بسبب تخوف الدولة التركية، من أن سقوط نظام صدام حسین قد يؤدي الى نشوء دولة كوردية في كوردستان العراق، وهذا يؤدي بالنتيجة الى تهديد الأمن القومي التركي.
ومثال آخر، لنبين محاربة الدولة التركية كذلك لأبسط الحقوق الكوردية. لقد أنعقدت في هذه الأيام أجتماعات حلف الشمال الأطلسي، الناتو، و كان منتظراً أن يتم في الأجتماع ترشيح رئيس وزراء الدانيمارك لشغل منصب أمين العام للناتو. وباعتبار أن تركيا أيضاً عضو في الحلف، فد أعترضت على هذا الترشيح، لماذا?
لأن تركيا حاولت مرات عدة الضغط على الدانيمارك، وفي المحافل الدولية أيضاً، لغلق القناة الفضائية الكوردية ROJ والتي تبث من الدانيمارك، بحجة تبعية القناة وتمويلها من قبل الحزب العمال الكوردستاني، PKK. لقد رفضت المملكة الدانيماركية في كل مرة هذا الطلب التركي، بأعتبار أن الصحافة في الدانيمارك حرة. وحسب الدستور الدانيماركي، فانه ليس من صلاحية الحكومة بأعتبارها سلطة تنفيذية التدخل وغلق أية صحيفة أو أي قناة فضائية حرة. وأن هذا يدخل فقط ضمن صلاحيات السلطة التشريعية، أي ضمن صلاحيات الپرلمان الدانيماركي. وهكذا تشكلت لجنة مستقلة من داخل الپرلمان للتأكد من صحة المزاعم التركية. وأن اللجنة الپرلمانية مستمرة لحد الأن في التحقيق. وهكذا مستمره قناة ROJ في البث من الدانيمارك.
وقد عطل رؤساء الدولة التركية أجتماعات الناتو يومي السبت والأحد المصادف 3 و 4 نيسان، لمعارضتهم ترشيح رئيس وزراء الدانيمارك لشغل منصب أمين العام للناتو، وبينوا علناً هذه المعارضة بأعتبار أن رئيس وزراء الدانيمارك لم يقدم أعتذارا رسميا الى مسلمي العالم في حينه، خلال أزمة نشر أحدى الصحف الدانيماركية الصور الكاريكاتورية المسيئة للرسول ألأكرم محمد صلى الله عليه وسلم. وهكذا غلفت تركيا معارضتها، بهذه الصبغة ألأسلامية. لكن الدافع الرئيسي لمعارضة تركيا لترشيح رئيس وزراء الدانيمارك أميناً عاماً للناتو، تكمن فقط بترخيص الدانيمارك لقناة ROJ من البث على أراضيها.
وهنا نذكر الأستاذ جلال طالباني بأن تصريحه هذا لن يطمئن رؤساء الدولة التركية خلال أجتماعات الناتو. وأن تركيا تعارض نشاطات الكورد أينما كانت، وهذه المسألة تدخل ضمن الأستراتيجية السياسية التركية ولا يساومون عليها مهما كلف الأمر، ولا يغيرها لا التصريحات ولا المجاملات السياسية.
إن أي قائد أو أي مسؤول كوردي، ليس مضطراً وغير مكلف بأن يصرح لابالخير ولا بالشر حول مشكلة الأمة الكوردية، أذا كانت الظروف الأقليمية الحساسة لاتسمح بذالك، وهناك تفهم عند الشعب الكوردي حول هذا الموضوع. أذا كان الأمر هكذا فليس هناك أي مبررلهذا التصريح للأستاذ جلال طالباني، ومن غير تكليف، لأننا لانعتقد ولانتصور بأن الدولة التركية قد مارست الضغط على رئيس جمهورية العراق ليدلي بمثل هذه التصريحات.
زيارة الشيخ هاشمي رفسنجاني الى العراق هي '' بركة ونعمة من الله''
وقبل عدة أسابيع من زيارة رئيس جمهورية العراق الى تركيا لحضوره منتدى عن المياه، حيث زار العراق الرئيس الأيراني الأسبق الشيخ هاشمي رفسنجاني، والذي يترأس اليوم مجلس تشخيص مصلحة النظام في أيران.
وفي المؤتمر الصحفي المشترك، الذي عقد بينهما في بغداد، صرح رئيس جمهورية العراق الأستاذ جلال طالباني، بأن زيارة الشيخ هاشمي رفسنجاني الى العراق هي '' بركة ونعمة من الله''.
وبالمناسبة هذا التصريح جاء أیضا من غير تكليف، لأننا لانعتقد بأن أيران أجبرت رئيس جمهورية العراق بأن يدلي بهذا التصريح. وما يؤلمنا نحن الشعب الكوردي، أن هذا التصريح جاء من قائد كوردي وفي وقت لم تمضي أيام معدودة على القصف الأيراني المكثف للقرى والأقضية الكوردية الحدودية والمجاورة لأيران، وبحجة محاربتها لمقاتلي پژاك. أيران تقصف وعلى الدوام القرى والأقضية الكوردية. فبدلاً من أن يقدم العراق، وبمبادرة من رئيس جمهورية العراق، بأعتباره واحدا من قادة الكورد، وثيقة أحتجاج رسمي الى الأمم المتحدة والى الأتحاد الأورپي، على القصف الأيراني المستمر للقرى والأقضية العراقية، بأعتبار أن كوردستان العراق هي جزء من العراق، حسب الدستور العراقي الجديد، فيأتي رئيس جمهورية العراق والأمين العام للأتحاد الوطني الكوردستاني ويثمن عالياً هذه الزيارة ويعتبرها '' بركة ونعمة من الله''.
وحتى قادة الشيعة في العراق، أمثال سماحة السيد عبد العزيز الحكيم وألأستاذ نوري المالکي رئیس الوزراء العراقي وغيرهم من السادة ورؤساء الشيعة، لم يعبروا علناً، عن زيارة الشيخ هاشمي رفسنجاني الى العراق بأنها '' بركة ونعمة من الله''. فما هو أذن سر تمجيد هذه الزيارة من قبل الرئيس العراقي وحده دون غيره?
هل وعدت أيران الرئيس العراقي بأنزال الخير والبركة على كوردستان العراق?
هل وعدت أيران ألتزامها بالعهود والمواثيق الدولية وأيقاف قصفها المستمر لكوردستان العراق?
هل وعدت أيران بتعويض المتضررين الكورد في كوردستان العراق، من جراء القصف الأيراني لقراهم ومدنهم?
هل وعدت أيران بأن تساهم في أعادة أعمار كوردستان العراق?
هل وعدت أيران بأنشاء محطات الماء الكهرباء في كوردستان العراق?
فأذا كان الأمر هكذا وفي جعبته الخير للشعب العراقي، وبشكل خاص للشعب الكوردي في كوردستان العراق، فلتكن هذه الزيارة '' بركة ونعمة من الله''.

هاولاتي